التزكية المقطع الخامس من سورة يوسف(الآيات: 69-88)

الثانوية التأهيلية صلاح الدين الأيوبي الأستاذ: د.أحمد بوشلطة
مادة التربية الإسلامية المستوى: الأولى باكالوريا
التزكية المقطع الخامس من سورة يوسف(الآيات: 69-88)
قال تعالى : "و لَمَّا دَخَلُوا عَلَىٰ يُوسُفَ آوَىٰ إِلَيْهِ أَخَاهُ ۖ قَالَ إِنِّي أَنَا أَخُوكَ فَلَا تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (69) فَلَمَّا جَهَّزَهُم بِجَهَازِهِمْ جَعَلَ السِّقَايَةَ في رَحْلِ أَخِيهِ ثُمَّ أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ (70) قَالُوا وَأَقْبَلُوا عَلَيْهِم مَّاذَا تَفْقِدُونَ (71) قَالُوا نَفْقِدُ صُوَاعَ الْمَلِكِ وَلِمَن جَاءَ بِهِ حِمْلُ بعيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ (72) قَالُوا تَاللَّهِ لَقَدْ عَلِمْتُم مَّا جِئْنَا لِنُفْسِدَ فِي الْأَرْضِ وَمَا كُنَّا سَارِقِينَ (73) قَالُوا فَمَا جَزَاؤُهُ إِن كُنتُمْ كَاذِبِينَ (74) قَالُوا جَزَاؤُهُ مَن وُجِدَ فِي رَحْلِهِ فَهُوَ جَزَاؤُهُ ۚ كَذَٰلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ(75))
فَبَدَأَ بِأَوْعِيَتِهِمْ قَبْلَ وِعَاءِ أَخِيهِ ثُمَّ اسْتَخْرَجَهَا مِن وِعَاءِ أَخِيهِ ۚ كَذَٰلِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ ۖ مَا كَانَ لِيَأْخُذَ أَخَاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ إِلَّا أَن يَشَاءَ اللَّهُ ۚ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَّن نَّشَاءُ ۗ وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ (76) ۞ قَالُوا إِن يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَّهُ مِن قَبْلُ ۚ فَأَسَرَّهَا يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ وَلَمْ يُبْدِهَا لَهُمْ ۚ قَالَ أَنتُمْ شَرٌّ مَّكَانًا ۖ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا تَصِفُونَ (77) قَالُوا يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ إِنَّ لَهُ أَبًا شَيْخًا كَبِيرًا فَخُذْ أَحَدَنَا مَكَانَهُ ۖ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ (78) قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ أَن نَّأْخُذَ إِلَّا مَن وَجَدْنَا مَتَاعَنَا عِندَهُ إِنَّا إِذًا لَّظَالِمُونَ (79) فَلَمَّا اسْتَيْأَسُوا مِنْهُ خَلَصُوا نَجِيًّا ۖ قَالَ كَبِيرُهُمْ أَلَمْ تَعْلَمُوا أَنَّ أَبَاكُمْ قَدْ أَخَذَ عَلَيْكُم مَّوْثِقًا مِّنَ اللَّهِ وَمِن قَبْلُ مَا فَرَّطتُمْ فِي يُوسُفَ ۖ فَلَنْ أَبْرَحَ الْأَرْضَ حَتَّىٰ يَأْذَنَ لِي أَبِي أَوْ يَحْكُمَ اللَّهُ لِي ۖ وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ (80) ارْجِعُوا إِلَىٰ أَبِيكُمْ فَقُولُوا يَا أَبَانَا إِنَّ ابْنَكَ سَرَقَ وَمَا شَهِدْنَا إِلَّا بِمَا عَلِمْنَا وَمَا كُنَّا لِلْغَيْبِ حَافِظِينَ (81) وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيهَا وَالْعِيرَ الَّتِي أَقْبَلْنَا فِيهَا ۖ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ (82) قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْرًا ۖ فَصَبْرٌ جَمِيلٌ ۖ عَسَى اللَّهُ أَن يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعًا ۚ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (83) وَتَوَلَّىٰ عَنْهُمْ وَقَالَ يَا أَسَفَىٰ عَلَىٰ يُوسُفَ وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ(84) قَالُوا تَاللَّهِ تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتَّىٰ تَكُونَ حَرَضًا أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهَالِكِينَ(85) قَالَ إِنَّمَا
أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (86) يَا بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِن يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلَا تَيْأَسُوا مِن رَّوْحِ اللَّهِ ۖ إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ
مِن رَّوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ(87) فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَيْهِ قَالُوا يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ مَسَّنَا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ وَجِئْنَا بِبِضَاعَةٍ مُّزْجَاةٍ فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَا ۖ إِنَّ اللَّهَ يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِينَ (88).
شرح الكلمات:
السقاية : أو صواع الملك والمقصود ما يشرب فيه الملك ويكون عادة من الذهب.
أوعيتهم : ج وعاء وهو ما اتخذه الإخوة لجمع أمتعتهم فيه.
في دين الملك : في شريعة الملك
خلصوا نجيا : ابتعدوا عن غيرهم من أعوان يوسف حتى لا يطلع أحد عليهم.
فلن أبرح الأرض : لن أتحرك من مكاني.
القرية التي كنا فيها : مصر حيث يوجد يوسف.
العير التي أقبلنا فيها : القافلة التي رافقناها في الطريق من مصر إلى ديارنا.
سولت : زينت.
فهو كظيم : حزين يكظم أحزانه.
حتى تكون حرضا : الحرض هو الفساد في الجسم أو العقل .
بضاعة مزجاة : بضاعة لا قيمة لها
مضامين الآيات:
1- عودة إخوة يوسف لجلب الميرة ومعهم شقيق يوسف بنيامين كما طلب منهم من قبل،وضم يوسف أخاه إليه يواسيه بعد أن أعلمه أنه أخوه.
2- حيلة اتهام الإخوة بالسرقة حتى يبقي اخاه معه في مصر، ولعلها من تدبير الله تعالى رحمة بيوسف وجزاء على إحسانه، بعد أن وجد المسروق في رحل شقيقه.
3- كشف الإخوة عن عداوتهم ليوسف وأخيه بزعمهم أن السرقة خصلة متأصلة في بنيامين وأخيه من قبل، وباقتراح تطبيق حكم شريعة آل يعقوب عليه السلام على سارق الصواع، وبذلك اكتمل التدبير لبقاء بنيامين في مصر..
4- تذكر الإخوة حزن أبيهم وغضبه عليهم حين يعلم بفقد بنيامين ويوسف من قبل واستعظام أكبرهم ذلك وامتناعه من لقاء ابيه والسفر إليه حتى يأذن له بذلك أو يحكم الله.
5- أمره لأخوته بأن يرجعوا إلى أبيهم ويخبرواه بأن ابنه سرق والشهود على ذلك كثير من القرية التي كانوا فيها (مصر) والقافلة التي جاءوا معها.
6- عدم تصديق يعقوب عليه السلام رواية أبناءه ومقابلة محنته بالصبر الجميل راجيا من الله تعالى أن يجمعه بأبنائه جميعا، وقد اشتدّ حزنه على يوسف حتى ابيضّت عيناه من الحزن وكان يكظم حُزْنه عن أبنائه لأنهم يُسَفِّهون ذلك منه فيرُد عليه السلام بأنه إنما يشكوا بثه وحزنه لله تعالى ولأنه يعلم من الله ما لا يعلمون، هذا العلم الذي يجعله عليه السلام واثقا من أن يوسف على قيد الحياة.
7- أمر يعقوب عيه السلام أبناءه بعدم اليأس من العثور على يوسف وأخيه وليبحثوا ويتحسسوا أخبارهما. وهكذا يعود الإخوة إلى مصر للمرة الثالثة ودخلوا على يوسف يستجدونه التصدق عليهم لأنهم لم يأتوا بثمن ما يطلبون شراءه من الحبوب والطعام.
القيم المستخلصة من المقطع:
- الوثوق بنصر الله لأنبيائه، وذلك مع يوسف عليه السلام، وكذا مع يعقوب عليه السلام، ولذلك لم يصدق روية أبنائه ووصيتهم بأن لا ييأسوا من رحمة الله.
- الله يدافع عن الذين آمنوا: من خلال كيد الله تعالى ليوسف لإبقاء أخيه معه، وما كان ليأخذ أخاه في شريعة الملك إلا أن يشاء الله.
- استعينوا على قضاء حوائجكم بالكتمان من خلال كتمان يوسف عليه السلام غضبه على اتهامه بالسرقة هو الىخر.
- التوجه إلى الله تعالى بالشكوى وعدم الشكوى لغيره.
- الصبر والصبر الجميل على المحن والابتلاءات، لأن الصبر من الدين بمثابة الرأس من الجسد.
- عدم اليأس من رحمة الله، لأنه عسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم.